لحلم النانوتكنولوجي: صناعة كريستالات الدنا
في تصميم هو الأول من نوعه، أعلن العلماء عن نجاحهم في إنتاج كريستالات كبيرة من الدنا DNA بمواصفات ثلاثية الأبعاد ذات دقة عالية، ليكون هذا الإنجاز خطوة نحو ثورة في عالم الأجهزة النانوية.
السبب الأساس في جذب الدنا لهذا الاهتمام كونه يُعدّ حجر الأساس المحتمل والذي منه تنطلق الإنتاجية لأجهزة نانوية ثورية وجديدة في مجالات عدة كعلوم الحاسبات، المجهريات، علم الأحياء، وغير ذلك. ما زال الباحثون يعملون على إنتزاع جزيئات الدنا وإعادة محاكاتها لأشكال وأحجام دقيقة وذلك لغاية إدراك أبعاد هذا الحلم النانوي.
ظل العلماء، لعشرين سنة مضت، يحاولون تصميم كريستالات دنا كبيرة ذات عمق دقيق ومعالم معقدة، حتى حقق هذا الحلم فريق من علماء في معهد هارفرد ويس المتخصص في هندسة علم الأحياء (Harvard’s Wyss Institute for Biologically Inspired Engineering). استطاع الفريق بناء 32 كريستالة من الدنا والتي تم التعرف على عمق كل منها بدقة لتحمل كل منها معالم معقدة ثلاثية الأبعاد 3D، وتم نشر هذا التقدم العلمي في مجلة نيتشر للكيمياء (Nature Chemistry).
استخدم الفريق طريقة تم الكشف عنها أول مرة في عام 2012 بعد أن نجحت هذه الطريقة في تصنيع 100 شكل نانوي معقد وثلاثي الأبعاد بحجم الفايروس، وهي طريقة “التجميع الذاتي لوحدات الدنا” (DNA-brick self-assembly). إلا أنّ الأشكال النانوية التي تم الحصول عليها حديثاً أكبر حجماً ب 1000 مرة من هياكل وحدات الدنا المنفصلة والتي يصل حجمها إلى ما يساوي ذرة غبار ويعد هكذا حجم كبيراُ ضمن مقاييس علم النانو.
يخبرنا بنغ يين Peng Yin الكاتب الأساسي للبحث وعضو الهيئة التدريسية في معهد ويس والأستاذ المساعد في نظم علم الأحياء في كلية الطب في هارفرد “نحن فرحون حقاُ لأن أسلوبنا في وحدة الدنا كان سبباً في حل التحدي، لقد كنا مبهورين حقاُ بكيفية نجاح الطريقة”
عانى العلماء في إنجاح إنتاج كرستالات الدنا المعقد ثلاثي الأبعاد ونانوي الشكل من خلال تطبيق طرائق تجميع ذاتي تقليدية حيث تزاد نسبة الخطأ بازدياد تعقيد الوحدات المكررة واعتماداً على حجم كرستالة الدنا المراد محاكاتها.
تعتمد طريقة وحدات الدنا (DNA brick method) على استخدام شرائط صناعية قصيرة من الدنا والتي تقوم بربط وحدات من نوعية ليجو (Lego®) لبناء هياكل معقدة. في البداية تصمم الهياكل باستخدام محاكاة للمكعب الجزيئي على الحاسوب والتي تتحول لاحقاُ لتحفة فنية. كل وحدة تُضاف أو تُنزع من التحفة الفنية ثلاثية الأبعاد بشكل مستقل وصولاً للشكل المطلوب، عندها يطبق التصميم عملياً بمزج شرائط الدنا ومحاكاته ذاتياً بما يوافق إنتاج ذلك التصميم للهياكل الكرستالية.
يقول الكاتب المساعد للبحث يونغ قانغ كه Yonggang Ke والزميل ما بعد الدكتوراه في معهد ويس، والأستاذ المساعد في معهد جورجيا للتكنولوجيا وجامعة أموري (Georgia Institute of Technology and Emory University) “هنا يكمن مفتاح تميز المعالم في استراتيجية تصميمنا، مجرد القدرة على إزالة أو إضافة قطع من التحفة الفنية الأساسية يجعل أمر تكوين أي تصميم وبشكل عملي أمراً ممكناً”
إنّ النمطية تجعل الأمر سهلاً نسبياُ للتعريف بعمق الكرستالة وبدقة. يضيف الدكتور ke قائلاً “إنها المرة الأولى التي يتم فيها تقديم طريقة منطقية لتصميم عمق الكرستال بدقة نانومترية وصولاً إلى 80 نم في هذه الدراسة” وعلى العكس، فإنّ مشبكا الدنا السابقان ثنائيا الأبعاد هما عبارة عن هياكل أحادية الطبقة تماماً وبعمق 2 نم فقط.
يضيف الكاتب المساعد والطالب لوفينا اونج Luvena Ong، تكمن جاذبية كريستالات الدنا في تطبيقات النانوتكنولوجي في كونها تتكون من تكرار وحدات شكلية والتي بدورها تُقدم قالباً نموذجياً لملامح قابلة للتطوير والتصميم.
“إضافة لكل ما سبق، وكجزء لهذه الدراسة، فإنّ فريق العمل أظهر قابلية بتمركز جزيئة نانوية من الذهب مقابل هندسات ثنائية الأبعاد وموصوفة بمسافة أقل من 2 نم بين كل منها على طول الهيكل الكرستالي. ويعد هذا الأمر خاصية حساسة للأجهزة الكمومية المستقبلية وتطوراُ تقنياُ ملموساُ لتحسين الإنتاج” أضاف الدكتور وي سن Wei Sun الكاتب المساعد في البحث والزميل ما بعد الدكتوراه في معهد ويس.
يقول الدكتور وليام شيه William Shih الكاتب المساعد في هذا البحث وعضو هيئة التدريس في معهد ويس والأستاذ المساعد في قسم الكيمياء الحيوية والأدوية الجزئية في كلية الطب في هارفرد وقسم علم حياة السرطان في معهد دانا فاربر للسرطان (Dana-Farber Cancer Institute) “إنّ مفاهيمي المسبقة لحدود الدنا قد تحولت تماماً من خلال تقدمنا في التقنية النانوية للدنا، إنّ تقنية النانوتكنولوجي في الدنا تتيح لنا إجراء محاكاة بطريقة برمجية، والشكل الناتج إنما ينافس التعقيد للعديد من الأجهزة الجزيئة التي نشاهدها في الطبيعة”