لماذا نستطيع الرؤية من خلال الزجاج
زجاج النوافذ، والكؤوس الزجاجية، وعدسات النظارات والكاميرات والتلسكوبات، وعلى الطاولات وثقالات الأوراق… الزجاج جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولكن هل تساءلت كيف يمكننا الرؤية من خلاله؟
الفرق بين الزجاج والخشب.
لنأخذ مثال النوافذ حيث تصنع النوافذ عادة من لوح زجاجي مثبت في إطار خشبي، وهذا يملأ المنزل بشعور دافئ ومشرق لأنه يسمح للضوء بالدخول. ولكن لماذا الزجاج أكثر شفافية من الإطار المحيط به؟ بالرغم من أن المادتين صلبتان وكليهما تحميان من الثلوج والأمطار والرياح. ومع ذلك فإن الخشب معتم ويحجب الضوء تماماً بينما الزجاج شفاف ويسمح لأشعة الشمس بالدخول من غير قيود.
كنت قد سمعت من بعض الناس أو بعض الكتب العلمية في محاولة لتفسير هذه الظاهرة بالقول بأنّ الخشب مادة صلبة حقيقية وأنّ الزجاج سائل لزج للغاية، ثم ينتقلون للقول بأنّ الذرات في الزجاج منتشرة بشكل متباعد عن بعضها البعض وأنّ هذه الفراغات تسمح للضوء بالمرور خلالها.
ولكن حقاً، ما هو الزجاج؟
في الواقع الزجاج ليس سائلاً على الإطلاق. بل هو نوع خاص من المواد الصلبة تعرف باسم “المواد الصلبة غير المتبلورة” (Amorphous solid). تبقى الذرات والجزيئات في هذه الحالة للمادة في مكانها، ولكن عوضاً عن تشكيل بلورة منتظمة ومرتبة تتجمع بشكل عشوائي، نتيجة لذلك فإنّ النظارات جامدة ميكانيكياً كالمواد الصلبة، ولكن ترتيب ذراتها عشوائي كالمواد السائلة. تتشكل المواد الصلبة غير المتبلورة عند صهر مادة صلبة بدرجات حرارة مرتفعة ثم تبريدها بسرعة، وتعرف هذه العملية باسم “التسقية” (Quenching).
ما الذي يحدث عندما يرتطم الضوء بالزجاج؟
يتكون الضوء من جسيمات تدعى الفوتونات والتي عندما تصطدم بالأشياء تحدث ثلاث ظواهر: الانعكاس، والامتصاص، والإصدار. ينعكس 4% فقط من الفوتونات عند اصطدام الضوء بالزجاج، وبعضها يُمتص. مما يعني أن الفوتونات ستتفاعل مع الذرات /الجزيئات المكونة للزجاج وهذه الطاقة تعمل على تسخينه.
ومعظم الفوتونات يتم إصدارها، ففي حال كانت الذرات /الجزيئات للمادة لا تملك “طاقة الانتقال من المدار” التي تطابق طاقة الفوتون فإن الفوتون سيتم امتصاصه وإعادة إصداره من قبل الذرات/الجزيئات. والفرق الهام بين الزجاج والمواد العاتمة كالخشب أن الانتقالات الطاقية في الزجاج تتناسب مع طاقة الفوتونات المرئية. لذلك فإن الفوتونات تُمتص ويُعاد إصدارها من قِبل كل الذرات التي تصطدم بها، وعليه فإن معظم الضوء الساقط على الزجاج يتم إصداره مرة أخرى، وهذه الخاصية الفريدة هي التي تجعل الزجاج شفافاً.
وبالرغم من ذلك فإنّ الزجاج يمتص فوتونات أشعة ما فوق البنفسجي، لذلك لا يمكن الحصول على بشرة سمراء من خلال الزجاج.