كيمياء التبغ
يستهلك البشر كمية كبيرة جداً من التبغ وأغلب هذه الكمية يتم استهلاكها عن طريق السجائر. حيث يتم امتصاص حوالي 15000 Kg من النيكوتين (عن طريق رئة المدخنين) حول العالم في اليوم الواحد. وهذا ما يجعلنا أكثر تشوقاً لمعرفة تركيب وتأثير هذه المادة (النيكوتين).
محتوى نبتة التبغ:
بالنظر من الناحية الكيميائية للنبتة فإنها تحتوي على المركبات الموجودة في أغلب النباتات المعروفة كالحموض الأمينية، السكر والدسم. لكن وبدأً من هذه المواد الرئيسية فإنّ النباتات تنتج مركبات وأنواع مختلفة من المواد التي تلعب دوراً مختلفاً يتماشى مع طبيعة النبتة ودورها في دورة الحياة. وتسمى هذه المركبات بالمركبات الثانوية. وكمثال على هذه المواد نجد أنّ الروائح والأصبغة المختلفة التي تنتجها النباتات وتستخدم لجذب أنواع معينة من الحشرات إليها، ومواد أخرى تستخدمها لإبعاد الحشرات أو الحيوانات المفترسة عنها.
أما بالنسبة للمركب الثانوي المسمى بالنيكوتين فلا يعتبر تصنيعه حكراً على نبات التبغ والفصائل المشابهة لها بل يتعداها إلى نباتات أخرى ليس لها أي علاقة بالتبغ. (الشكل 1)
إنّ سمية هذه المادة على الكائنات الحية تعتمد بشكل كبير على نوع الكائن الحي، فبالنسبة للبشر فإنّ الجرعة المميتة تكون بمعدل (0.5–1.0 ) ملغ لكل كيلو غرام من وزن الانسان البالغ، أما بالنسبة للرضع فتكفي (0.1) ملغ لكل كيلو غرام من وزن الرضيع للقتله. وتشابه سمية النيكوتين إلى حد ما سمية سيانيد الهايدروجين. حيث تتشابه أعراض السمية من حيث الافراز الزائد للعاب و المخاط وآلام في المعدة، تقيؤ واسهال، آلام في الراس، زيادة في ضغط الدم.
تحتوي نبتة التبغ على 9 % من وزنها وهي جافة على النيكوتين. ويسمى النيكوتين بحسب الـ (IUPAC)
[(S)-(–)-3-(1-methylpyrrolidine-2-yl)-pyridine] وتحتوي سيجارة التبغ الممتازة على 1.5 % من النيكوتين (S) والذي يشكل أكثر من 95% من القلويد الموجود (كنوع من أنواع النيكوتين) بينما يشكل النيكوتين (R) (2) مع الـ نورنيكوتين (3) والـ أناتابين (4) والـ أناباسين (5) على النسبة الأقل. وفي طور الجفاف او التهيج فإن هذه الأنواع من النيكوتين تتحلل او تتحول إلى المركبات من (6) حتى (9) الشكل (2).
من نبتة التبغ لنحصل على السيجارة
تسيطر السجائر على 96 % من منتجات نبات التبغ. أكثر أنواع التبغ المعروفة مشتقة من الأنواع الأصلية لنبتة تسمى (Nicotiana tabacum) واسمها الشائع (تبغ فيرجينيا). أما النوع المسمى بـ (Mahorka Tobacco) فيستخدم بشكل خاص في روسيا ويعود أصله إلى نبتة (Nicotiana rustica).
على الرغم من وجود نبات التبغ في مختلف أنحاء العالم إلا أنه ينحدر من جنوب أمريكا كما يعد التبغ الموجود في ألمانيا – رغم ندرته- من الأنواع ذات الطعم الجيد ويحتوي على كمية منخفضة من النيكوتين مقارنة بغيره لذلك غالباً ما يجري مزجه مع انواع اخرى والقلويد الرئيسي الموجود فيها هو النيكوتين وهو مادة شفافة في محاليلها. تنمو هذه النبتة في الأماكن المعتدلة. كما تحتاج النبتة إلى تربة تحتوي على نسبة عالية من السماد الآزوتي حيث يعمل السماد الآزوتي على تحفيز نمو هذه النبتة كما يزيد من كمية النيكوتين المنتج داخلها ولكن في المقابل فإن زيادة كمية النترات في النبات يؤدي إلى زيادة كمية المركبات السامة الاخرى (مركبات السيان) والتي تتحول الى مركبات خطيرة عند تدخينها.
رحلة من زراعة النبتة حتى تغليف السيجارة:
المصنع الكيميائي المصغر:
التخمير (Fermentation): هي عملية يتم من خلالها تحلل و تحول في بنية المركبات، تحدث هذه العملية بفعل أنزيمات أو ميكروبات موجودة داخل النباتات. وهذه العملية تكسب نبات التبغ اللون والرائحة المميزة وتعتمد هذه العملية على درجة الحرارة والرطوبة والضغط المطبق على هذه النباتات. وتحدث خلال هذه العملية العديد من التفاعلات التي تؤدي إلى تكوين مركبات غير محددة. لذلك وبشكل عام يمكن القول من وجهة النظر الكيميائية أنه لايمكن للكيميائي التحكم بنوع وكيفية التفاعلات الحاصلة بصورة دقيقة وكاملة.
لكن بشكل عام وخلال عملية التخمير يتشكل غاز ثنائي أوكسيد الكربون وتتحرر كمية من الحرارة بالإضافة إلى انخفاض قيمة الـ pH. كما أن كمية النيكوتين الموجودة تنخفض بنسبة (30-50)% خلال عملية التجفيف والتخمير. وعند الانتهاء من عملية التخمير يتم مزج عدة أنواع من التبغ مع بعضها عند تصنيع السجائر كما يتم التخلص في بعض الأحيان من الأغصان او العروق أو اضافتها أحياناً وذلك لتقليل نسبة النيكوتين أو زيادتها بحيث تكون ضمن النسبة المسموح بها مثلا (1) ملغ نيكوتين عند تدخين سيجارة واحدة.