تآصلات الكربون

تآصلات الكربون

 


يمكن أن يكون لنفس العنصر عدة أشكال هندسية، يسمى ذلك بالتآصل، حيث تختلف تآصلات العنصر بالخواص الفيزيائية كالكثافة، ودرجة الانصهار، لكن لا يختلفان كثيراً بالفعالية الكيميائية،  تكون هذه الظاهرة واضحة من أجل البنى البلورية كالمعادن حيث يحدث التحول بين تآصل لآخر (أو شكل بلوري لآخر) عند تغيير درجة الحرارة أو الضغط، فمثلاً يكون للكبريت شكل rhombic عن درجة حرارة الغرفة، ويتحول إلى أحادي الميل [2] monoclinic عند درجة حرارة 95.5 درجة مئوية، وللحديد عند درجة حرارة الغرفة مكعب متمركز الجسم، ويتحول عند درجة حرارة 911 مئوي إلى مكعب متمركز الوجوه، ويعود عند درجة حرارة 1321 مئوي إلى مكعب متمركز الجسم.

بالنسبة للكربون، من المعروف منذ اكتشاف لافوازييه أنّ الألماس هو شكل كربوني، للكربون تآصلان، هما الغرافيت والألماس، تشكل كل ذرة كربون شكل رباعي وجوه منتظم ثلاثي الأبعاد بارتباطها بأربع ذرات كربون أخرى بروابط مشتركة من النوع σ القوية، وتشكل عدة رباعيات وجوه الخلية الأساسية للألماس وهي التي تعطي القساوة العالية للألماس، بينما تشكل الغرافيت أشكال ثنائية البعد، حيث تشكل كل ذرة كربون 3 روابط σ ورابطة π، وتشكل كل 6 ذرات كربون الشكل السداسي Hexagonal أي البنية الأساسية لصفيحة الغرافيت،  تكون القوى بين صفائح الغرافيت من نوع فاندرفالس الضعيفة، والتي تفسر هشاشية الغرافيت، حيث تنزلق الصفائح عن بعضها عند تطبيق إجهاد معين.

إنّ تشكل الألماس بدءاً من مادة كربونية (غرافيت، هيدروكربون)، يحتاج إلى ضغط كبير يصل إلى نحو 000 50 ضغط جوي في درجة حرارة تبلغ 1600 درجة كلڤن وهو ما يعادل الضغط الناجم عن برج إيڤل (الذي تبلغ كتلته 7000 طن متري) مقلوباً ومرتكزاً على لوحة مساحتها 12 سنتيمتراً مربعاً، إذ من دون هذا الضغط الهائل يتحول الكربون إلى غرافيت.

تيرموديناميكياً، يكون الغرافيت أكثر استقراراً من الألماس عند درجة الحرارة العادية والضغط الجوي النظامي، ويكون فرق الطاقة بين روابط الغرافيت والكربون حوالي 3 كيلوجول/مول، وهي أقل من الطاقة اللازمة لصهر الزبدة المهدرجة، توافق طاقة تنشيط التحول التلقائي، لكن ما يقف في وجه هذا التحول ليس تلقائيته، بل آلية التفاعل، حيث أنها معقدة لدرجة أنه من المفترض جعل ذرات الكربون تتحول للطور الغازي ومن ثم تترسب على شكل غرافيت وهذا بالأمر المستحيل. لذلك يمكن تصنيف الألماس بأنّه مادة شبه مستقرة.

حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي كانت فكرة وجود تآصلين للكربون هي من المسلمات، لكن ظهور نتائج جديدة أثناء الاختبارات أدت لتعديل هذه الأفكار:

  • 1985 اكتشف العلماء [1] روبرت كيرل Robert Curl، هاري كروتو Harry Kroto، ريتشارد سمولي Richard Smalley كرات الفوليرين Fullerenes، تتألف الكرة من 60 ذرة كربون، يبلغ قطرها 1 نانومتر، سميت على اسم ريتشارد فوليرن Richrad B. Fullerene  وهو مهندس أميركي ربط ما بين البنية و القبب الدائرية.
  • 1991 اكتشف الياباني [3] سوميو ايجيما Sumio Iijima الأنابيب الكربونية Carbon Nanotubes أثناء عمله في مختبرات شركة NEC، يعتقد أنه تم اكتشاف الأنابيب الكربونية من قبل لكنها لم تأخذ اهتمام أحد.
  • 2004 اكتشاف الغرافين Graphene وهو بنية مسطحة شبكية من السداسيات.

أمام هذه الاكتشافات، كان لا بد للعلماء من أن يعدلوا عدد تآصلات الكربون ليبلغوا 5: الغرافيت، الألماس، كرات الفوليرين، أنابيب الكربون النانوية، الغرافين. ولا يمكن الحديث على أشكال الكربون الأخرى على أنها تآصلات كمختلف أنواع الفحم الحجري، لأنها لا تشكل بنى بلورية، حيث أنّ التآصلات الأربع تبدو ميلاً قوياً للتبلور والانتظام، على الرغم من أنّ بعض مراكز الأبحاث استطاعت تشكيل أنابيب كربونية لكنها عديمة الشكل Amorphous.

الجدير بالذكر أنّ الأشكال السداسية هي شائعة في الكيمياء العضوية واللاعضوية، أبسط الأشكال هو البنزن، يتبعه الحلقات العطرية المتكاثفة، الجليد، مثل نتريد البور BN حيث تشكل كل 3 جزيئات منه الشكل السداسي، مما يكسبه قساوة عالية جداً، و يفسر أنّ التوتر الزاوي يكون أصغري، أي ثباتية أكبر عندما يكون عدد ذرات البنية الأساسية هو 6 ذرات، و هو كما مر و سيمر البنية الأساسية لأنابيب الكربون النانوية.