نوافذ ذكية تلقائية الشحن وتعمل كبطارية في الوقت ذاته
بات السعي وراء خفض استهلاك الطاقة والحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الآونة الأخيرة عملاً مؤرقاً تتكاثف فيه جهود الكثير من العلماء والباحثين وتبنى عليه قرارات وعلاقات دولية. في هذا الإطار، تقدم النوافذ الذكية حلاً بما توفره من خفض لاستهلاك الطاقة اللازمة للتدفئة والتبريد أو للإضاءة في النهار.
تعتبر تقنية تغيير اللون كهربائيا (الالكتروكرومك-Electrochromic) أحد أفضل التقنيات المستخدمة في النوافذ الذكية، لكنها في الوقت ذاته وحتى يومنا هذا لا تزال بحاجة الى مصدر خارجي يوفر لها فرق الجهد اللازم لتغيير اللون والذي تقوم التقنية على أساسه.
تقدم المقالة بين أيدينا تطويرا على تقنية الالكتروكرومك بما يجعلها تلقائية الشحن، أي أنها توفر مصدرا داخليا لفرق الجهد دون الحاجة الى مصدر خارجي للطاقة، إضافة إلى أنها تشكل في الوقت ذاته بطارية شفافة قابلة لإعادة الشحن يمكنها أن تخزن الكهرباء التي يمكن الاستفادة منها لتشغيل بعض الأجهزة البسيطة.
حيث تعرض المقالة ما قام به عدد من الباحثين في جامعة نانيانج التكنولوجية من تجارب تستفيد من الخصائص الكيميائية والفيزيائية للمواد الالكتروكرومية وغيرها من المواد التي استخدمت لجعل تلوين هذه النوافذ للتحكم في كمية الضوء النافذ من خلالها يتم تلقائيا. حيث تم وضع سائل محلل بين شريحتين من الزجاج المغطاتين بأكسيد انديوم القصدير (Indium Tin Oxide) والتي تكتب اختصارا ب ITO. وتمت تغطية احدى الشريحتين الزجاجيتين بطبقة إضافية من صبغة اللون الأزرق البروسي (Prussian Blue)، بينما وصلت الشريحة الأخرى بشريط من رقاقات الألمنيوم بالشكل الذي يحافظ على إبقاء المساحة الأكبر من الزجاج شفافة، حيث يمتلك الأكسجين قدرة عالية على الاختزال. وصلت بعد ذلك الشريحتين الزجاجيتين بأسلاك كهربائية، لينتج عن ذلك، في حال كون الدارة الكهربية مفتوحة، تفاعل بين صبغة اللون الأزرق والأكسجين الذائب في السائل المحلل، يتم فيه أكسدة الحديد الثنائي إلى الحديد الثلاثي، ليتحول لون الزجاج كما هو موضح في الشكل رقم (1-أ) إلى اللون الأزرق في حال اكتمال عملية الشحن.
يعود لون الزجاج الى اللون الأبيض (Prussian white) عند غلق الدارة حيث يتم تفريغ الشحن، الشكل رقم (1-ب). وهذه هي الجزئية المتعلقة في كون الجهاز يعمل كبطارية شفافة، وهي فكرة لم تكن وليدة لحظة، حيث أظهرت أبحاث ودراسات سابقة على المواد الإلكتروكرومية، والتي لها القدرة على تخزين وإطلاق الأيونات والإلكترونات، أن هذه المواد لها بعض خصائص البطاريات. والتي يعتبرIron (II, III) hexacyanoferrate (II,III) أو الصبغة الزرقاء البروسية (Prussian Blue) أشهرها. فقد أجريت العديد من الأبحاث التي تستخدم هذه المواد في البطاريات لكن في جميع الحالات لم تتم الاستفادة من الخاصية الالكتروكرومية بشكل أساسي كما أن فرق الجهد الناتج كان ضعيفا. إضافة الى ذلك فإن البطاريات لم تكن قابلة لإعادة الشحن وكان مصدر الشحن فيها خارجي.
وقد أظهرت النتائج فيما يتعلق بالتلوين التلقائي أن أقصى حد للتعديل الضوئي (Optical Modulation) وصل إليه الجهاز هو 52.2 % لضوء طوله الموجي 670 نانومتر وتعتبر هذه نسبة عالية بالرجوع الى كون الضوء سيمر خلال طبقتين من الزجاج المغطى بأكسيد انديوم القصدير (ITO) وطبقة السائل المحلل.
أما على صعيد عمله كبطارية، حيث تعتمد عمليتي الشحن والتفريغ على عمليتي التلوين والتبييض للجهاز الإلكتروكرومي، فقد أظهرت النتائج أن السعة النوعية للجهاز كبطارية تعتبر قليلة اذا ما قورنت بغيرها من البطاريات التقليدية كبطارية الليثيوم، لكنها في الوقت نفسه من المتوقع أن توفر سعة اجمالية كبيرة بفرق جهد مرتفع أيضاً. أما في حال ربط الجهاز بمصدر خارجي للطاقة فإن ذلك سيرفع من سعته بنسبة تصل الى 27.8%. كما أن ربطه بمصدر فرق جهد بقيمة 2 فولت من شأنه أن يتم عملية الشحن بسرعة كبيرة تصل إلى 4.6 ثانية.
وقد خلصت نتائج الباحثين إلى أننا بصدد نقلة جديدة تضيف تطويرا مهما إلى تقنية تشكل بحد ذاتها خدمة مهمة في مجال توفير استهلاك الطاقة؛ ويأتي ذلك من خلال نوافذ ذكية تعمل باتجاهين متوازيين يسهمان في توفير الطاقة بشكل واضح، يتمثل الأول في النافذة الالكتروكرمية التي تعمل على تغيير لونها بشكل تلقائي بوجود الهواء الجوي، وهو ما من شأنه أن يتحكم في كمية الضوء المارة من خلالها دون الحاجة إلى مصدر طاقة خارجي، وينتج عن ذلك توفير للطاقة اللازمة في عملية التبريد أو التدفئة، بينما يتمثل الآخر في البطارية التي يمكن أن تستخدم في الإضاءة عن طريق الصمامات الثنائية الباعثة للضوء والمعروفة ب (LED-Light-Emitting Diode).