تكويـــــــــــــــــــن النـــــــــــــــــــبات
أنزل الله سبحانه وتعالى الماء فأنبت لنا به النبات .
وبعد الإنبات ينمو النبات ويزداد .
وباليخضور ( الكلوروفيل ) ـ وهو المادة الخضراء في النباتات الشائعة ـ يثبت النبات الأخضر الطاقة الضوئية ويحولها إلى طاقة كيماوية مخزنة داخل النبات .
وبالنبات الضوئي تتغذى معظم النباتات وتعطي السيقان، والجذور، والأزهار والثمار ( وهذه العلمية تبدو بسيطة ظاهريا فعندما تشرق الشمس على الأوراق الخضراء يتحول ثاني أوكسيد الكربون والماء إلى سكر أو كربوإيدرات مكافئ واكسيجين خالص ولكن هذه العلمية لا تتم بهذه البساطة. وقد كان التمثيل الضوئي محلاً لدراسة مستفيضة يشتمل قرناً من الزمان تقريباً. وبالرغم من ذلك فإن تفاصيل العمليات الكيماوية التي يشتمل عليها بدأت تنضح مؤخراً. والعامل الرئيسي للتمثيل الضوئي هو اليخضور هذا الجزيئ المعقد المدهش الذي يقوم بدور أساسي في جهاز إنزيمي معقد للغاية ومترابط بشكل بديع ) .
وبالجذور … والسيقان … والأزهار .. والثمار نفرق بين النباتات الخضراء .
وبالدراسة والبحث والجهد والعمل تثبت الآيات .
قال تعالى: وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) سورة الأنعام
إن هذه الآية الكريمة ـ إلى جانب كونها من دلائل عظمته سبحانه وتعالى ـ لتتضمن إعجازاً قرآنياً ـ فهي منهج متكامل الكلية للنبات والزراعة، و يظل المرء يتعلم منها طوال الحياة ثم يموت ولا يصل إلى سر هذه الآية وحدها، فهي تشرح المراحل المختلفة في حياة المملكة النباتية، فعند نزول الماء على الأرض يحدث فيها عديد من التغيرات الفيزيقية والكيماوية مما يؤدي إلى أنبات الجراثيم والبذور والدرنات والسيقان الأرضية كله ( أخرجنا به نبات كل شيء ) كل ما ينبت وما هو منتسب إلى النبات سواء كان بذوراً، أو جراثيم أو حويصلات، وأية تراكيب أخرى تنتظر سواء كان بذوراً، أو جراثيم أو حويصلات، وأية تراكيب أخرى تنتظر نزول الماء وكل هذا يحدث في الحال وبالتتابع دون أن يظهر اللون الأخضر سواء كان النبات متميزاً باليخضور أو بدونه ( نبات كل شيء ) وبدون الحاجة إلى عملية البناء الضوئي، لأن معظم هذه التراكيب والعضيات بها مخزون من الغذاء يغنيها عن التمثيل الضوئي لدرجة أن البذور يمكن أن تنبت مدة طويلة بعيداً عن الضوء وفي غياب اللون الأخضر ولكن لا إنبات بدون ماء حتى ولو توفرت جميع الشروط اللازمة للإنبات ( الحرارية ـ الأكسوجين ـ الحيوية ـ نضج البذور ـ تمضية فترة سكون ـ توافر الغذاء ـ وجود العائل …. الخ).
كل شيء ينبت بعد المطر البكتريا ـ الفطريات الطحالب ـ الأرشيحونيات ـ النباتات الزهرية حتى جراثيم وحويصلات بعض الديدان والحيوانات ثم بعد ذلك ( فأخرجنا منه خضراً ) ظهرت البادرة الخضراء وتكشفت الأوراق والبراعم واستمر الإمداد بالغذاء وتحث أعجب عملية في الكون وهي عملية البناء الضوئي التي لولاها ما كانت على الأرض حياة ( حيث تشرق الشمس صباحاً ويأتي الظهر فتصبح الأرض ساخنة لدرجة عالية قاتلة وإذا أتى الليل ذهبت الحرارة وبردت الأرض ). لولا النبات وخضرته لملأ ثاني أكسيد الكربون الجو واختلت نسبة الأوكسجين في الكون واختفت الحياة تماماً من على الأرض أنظر إلى كلمة (خضراً) التي هي إشارة رائعة إلى اليخضور و ما هي من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم . وبعد تكوين الخضر تبدأ مرحلة النمو الخضري للنبات بتكون حاملات الأصباغ والبلاستيدات الخضراء، وهذا الاخضرار يترتب عليه عملية التمثيل الضوئي، فيأخذ النبات الماء وثاني أكسيد الكربون يترتب عليه عملية التمثيل الضوئي، فيأخذ النبات الماء وثاني أكسيد الكربون والطاقة الضوئية ليعطي نباتا كاملاً (الطور الخضري) الذي يبدأ في تكشف براعم الأزهار وتكوين هرمون الإزهار وخروج النورات التي تعطي الحبوب المتراكبة ـ وعلميات التصنيف الزهري لا يستطيعون الحكم القطعي على نبات زهري جديد ( نوعه ـ جنسه ـ اسمه ) إلا إذا مر بمراحل الإنبات والإخضرار والإزهار والإثمار .
انظر إلى الآية تقول : ( منه خضراً ) وهي تعني أن بعض النباتات بدون يخضور والبعض ينشأ فيها اليخضور بعد ذلك . ( قال المفسرون فيها الحب المتراكب هو ما ينتج من نورات القمح والشعير والأرز وهي من النباتات النجيلية التي تعطي نورات ( سنابل ) بها عديد من الأزهار التي تعطي بعد ذلك الحب المتراكب المذكور.
ويضع علماء النبات الأزهار المركبة في عائلة تمسى العائلة المراكبة، ويقولون إن هذه من أفضل الأزهار وأعلاها درجة، لأن الحشرة الواحدة تزور العديد من الأزهار في وقت واحد وهذا يكون واضحاً في زهرة الشمس وقرصها الملئ بالأزهار والتي تعطي البذور في مجموعات متراصة عجيبة الترتيب والتنظيم .
ثم ذكر الآية بعد ذلك شجرة من أفضل الأشجار، شجرة من الجنة، هي النخلة فهي من النباتات عظيمة الفائدة وقد يزرع الكثير منه للزينة وهو ذو أوراق تشبه السمكة مثل جوز الهند، ومنها ما هو رمحي الأوراق لأن أوراقه تشبه راحة اليد، وبعضها له ساق سميكة وآخر له ساق رفيعة .
كتب قيصر الروم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أما بعد فإن رسلي أخبرتني أن قبلكم شجرة تخرج مثل أذن الفيلة، ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض ثم تخضر كالزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر، ثم تنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل، ثم تينع وتيبس فتكون عصمةً للمقيم وزاداً للمسافر، فإن تكن رسلي صدقت فإنها من شجر الجنة .
فكتب إليه عمر :
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى قيصر الروم السلام على من أتبع الهدى، أما بعد، فإن رسلك قد صدقتك وإنها الشجرة التي أنبتها الله ـ عز وجل ـ على مريم حين نفست بعيسى، فاتق الله ولا تتخذ عيسى إلها من دون الله .
ثم يذكر بعد ذلك الرمان والزيتون، ويقول المفسرون متشابها في الورق مختلفاً في الثمر، وفعلاً الزيتون والرمان لهما أوراق بسيطة رمحية الشكل متقابلة، وأشجار الزيتون تعمر أكثر من ألفي سنة وتعطي الزيتون الذي يؤخذ منه زيت الزيتون ويؤكل مخللاً .
المصدر : بنك المعلومات