إلى مُوَظَّفي تكنولوجيا المعلومات: الخبرة .. أم التدريب؟
مع بداية العام، نجد العديد من الموظفين – بما في ذلك موظفي قسم تكنولوجيا المعلومات – يتساءلون عمَّا إذا كان يتوجب عليهم أن يحصلوا على خلفية دراسية أو مؤهل في تخصصهم. تعلمون ما أعلم بالتأكيد، العديد من كبار السنّ لديهم خبرات واسعة. وفي المقابل، هناك صغار حصلوا على التدريب الكاف لنفس التخصص.
والسؤال في العنوان – الخبرة أم التدريب؟ – ليست له إجابة قياسية. الأمر يتوقف على المدة التي قضاها كل موظف تقني، والتقنيات المنتشرة في السوق ذلك التوقيت، والوظائف المطروحة. لكن أمرًا واحدًا يُمَثِّل حقيقة واقعة: التدريب لا يحل محلّ الخبرة. ومع ذلك، فإن الخبرة في الوقت الحالي، لم تَعُدْ كافية.
سأشرح لكم الأمر. يتطلَّب سوق تكنولوجيا المعلومات اليوم كلا الأمرين. ولهذا تجدوا أن الوظائف الشاغرة المتاحة تتطلَّب دائمًا خبرة زمنية مُحَدَّدَة وتدريب لكل تخصص. وإلا كيف لكم الخوض في سوق عمل متقلِّب ومتنوِّع مثل هذا؟
الأمران معًا
لابُدَّ لك أن تحصل على الخبرة والتدريب لتصبح خبيرًا ومحترفًا بجدارة في مجال عملك.
وبقدر ما نرى أن التعليم العالي لا يُشَكِّلُ فارقًا للمتخصصين العاملين في هذا المجال؛ إلا أنهم على الرغم من خبرتهم الطويلة، فإن الافتقار إلى ذلك يُمكنه أن يؤدي إلى ركودٍ في مرحلةٍ ما من حياتهم المهنيَّة، لكن على كل حال، العمل النظري والأكاديمي يمكن – بل ينبغي – أن تُطَبِّقَ تجربة الحياةِ العملية داخل الشركات، في حين أن أي تساؤلات واستشارات عليها أن تُقَدَّمَ إلى الأكاديميين، وذلك لاستكمال بعضهما البعض. وهذه النقطة غالبًا ما تسبب في جعل اللوازم البيئيَّة المؤسَّسِيَّة تواجه بعض أوجه القُصُور الأكاديميَّة، لذلك كان لابد من تعزيز المفاهيم والتعلُّم من ردود أفعال غيرهم من الخبراء القدامى. والعكس بالعكس.
تكنولوجيا المعلومات = تدريب + خبرة + المزيد!
أن تجمع بين الخبرة والتعليم معًا والمُنافسة بهما في سوق العمل ليس أمرًا يسيرًا، لكن تخيَّل نفسك دونهما، كيف تبدو؟ لذا، كي تبرز في مثل هذا السوق التنافُسِي، فضلًا عن التدريب الأكاديمي والخبرة السوقية، هناك متطلّبات ضرورية:
- تَوَاصَل بلغاتٍ أخرى، ويُفضَّل تحسين لغتك العربية إلى أن تصل إلى مرتبة متفوقة فيها، ثم بعدها تعلُّم الإنجليزية أو الإسبانية. هناك العديد من الموظفين من ذوي الخبرة والتدريب الأكاديمي الممتاز يفقدون فُرَصًا كبيرة لعدم وجود لغة ثانية، أو لافتقارهم للنطق الصحيح في لغتهم الأمّ. وعندما أقول لغة أخرى، فأنا أعني أن تتقنها بنفسك، تقرأ، وتكتب، وتتواصل بها. هكذا هو هذا السوق المُعَوْلَم. كن من ذوي الخبرة والتدريب وتَمَكَّن من لغتك الأم بجانب لغة جديدة، حينها تجد أن حياتك المِهَنِيَّة لديها مستقبل طويل واعد إلى ما شاء الله تعالى.
- ابحث عن التخصصات، والشهادات، والدراسات العُلْيَا؛ حتى تتمكن من توجيه حياتك المؤسسية من مضمارٍ واحدٍ إلى مجموعة من الخيارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات. ولا أعني هنا تحصيلها لوضعها في “البراويز” وتعليقها على الجدران، أو مجرد الفخر باجتيازك لها. تابع معي لتتضح لك الصورة.
سأضرب مثلًا أنك تقني وتبحث في مجال الإدارة، بالتأكيد تعلم أنه بعد قيامك بالدراسات العليا والحصول على ماجستير إدارة الأعمال MBA ستحصل على نظرة إدارية ثاقبة في مجالك، ورؤية استراتيجية لتكنولوجيـا المعلومات. ناهيك عن العلاقات التي بإمكانك تحقيقها من خلال هذا النوع من الدورات.
إذًا، تخيَّل معي أنك خضت في مجال الإدارة مع كونك من متخصصي تكنولوجيا المعلومات ولديك الخبرة والتعليم وماجستير في إدارة الأعمال، بالإضافة إلى فصاحتك في اللغة العربية وتمكّنك من اللغة الإنجليزية. أليس ذلك كاف لتبرز بين أقرانك في سوق العمل؟ ربما. لكن إن رغبت في القفز مباشرة لمنصب مدير إدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصال؛ فأنت في حاجة ماسة إلى شهادتي ITIL وCOBIT.
لا زلت أتحدَّث عن الإدارة، من الضروري أن تعلم أن هذه الفترة التدريبية ستمنحك فكرة عن المجالات الأخرى؛ لتوفِّرَ لك الدعم اللازم عند الحاجة إليه. ولذلك، فإن مدير تقنية المعلومات الذي لديه – على سبيل المثال – دراية ومعرفة مالية، وإدراك بقانون ساربينز أوكسلي أو لديك علم بنماذج الأيزو ومراجعة الحسابات؛ سيفتح له بابًا جديدًا للعمل في مؤسسة مالية.
هناك مُخْتَصِّين خبراء أو مستشارين في أداة أو تقنية ما. في هذه اللحظة، بالإضافة إلى لغتهم الإنجليزية الغَنيَّة، فإن شهادة تخصص في هذه الأداة أو التقنية من الأسباب والضروريات التي تضمن لهم الحصول على منصب جدير بهم في شركة ضخمة. وجليًّا لنا أن مشاريعك المتنوِّعَة المتعلقة بتلك الأداة/التقنية – نعم، أعني خبرتك – ستكشف ما الذي تجعل الشركة تفاضلك عن غيرك من مالكي نفس الشهادات، لكن العديد من الشركات تتطلَّب رؤية شهادة ما لإثبات صحَّة ما تراه منك أو ما ذكرته لهم.
تنبيهات حول وظائف تكنولوجيا المعلومات
ضعْ في حسبانك أن السوق يتغيَّر وكل حالة تختلف عن الأخرى، مضبوط؟ لذلك، ابْقَ دائمًا على بَيِّنَةٍ من اتجاهات سوق العمل لتقوم بتطوير نفسك مع كل ما يجري حولك من جديد وتُجَاريه بسرعة، سواء كان الأمر يتعلَّق بإصدارٍ/تحديث جديد للأداة التي تخصصت فيها، أو بدورة جديدة في الإدارة خارج نطاق تقنية المعلومات.
كم عدد الدورات أو الشهادات التي حصلت عليها في العام الماضي؟ أيًّا كان عددها، رتّبها ونظّمها جيدًا، واكتب أهدافك لهذا العام: كم عدد الدورات الجديدة التي تحتاجها؟ وكم عدد الشهادات التي ستحصل عليها؟ وما اللغة التي ستتعلَّمها أو ستعززها؟ اذهب إلى مراكز التعليم، وادْرس، واحصل على ماجستير في الإدارة وغيرها من الشهادات. تحدَّث بلغتك الأم بطلاقة، وتواصل مع الآخرين بلغتك الثانية، واحصل على الشهادات، وامْضِ في طريقك وأنت مثابر. هل فكرت أن تتميز في التخصصات التي تؤهلك لمنصب رئيس تنفيذي لإحدى الشركات؟
تظنني أبالغ؟ سأذكِّرك من جديد: مرحبًا بك في عالم تكنولوجيا المعلومات! ما تراه جديدًا اليوم قد لا تراه غدًا. لذلك ابْتَكِرْ، واخْترِعْ، وابْحَثْ في يومِكَ عَنِ الغَدْ! فَبَعْدَ كلِّ مَا قِيل، التدريب والخبرة مُهِمَّان ولا شكّ، لكن الأهم مِنْهُمَا، هو ما ستفعله بجانبِهما!