دور الكائنات الدقيقة في تحليل النفط المتسرب للبيئة البحرية…

دور الكائنات الدقيقة في تحليل النفط المتسرب للبيئة البحرية…

 

تتعرض البحار والمحيطات والمناطق الساحلية لضغوط كبيرة، ، وخاصة التلوث بالنفط الخام،إن ما يقدر بنحو 1.3 مليون طن من النفط يدخل البيئة البحرية كل عام وهذا لا يزال يشكل تهديدا رئيسيا لاستدامة الموارد الطبيعية لكوكب الأرض. إن مصير النفط الخام المتسرب في البحر يعتمد على عدة عوامل منها الطقس السائد وتكوين النفط، ويتفاقم تأثيره البيئي عند وصوله إلى الشاطئ، وخاصة في البيئات المنخفضة الطاقة (ذات المغذيات القليلة)، مثل البحيرات والمستنقعات المالحة كذلك فإن التلوث الحاد بالبترول يؤدي إلى زيادة معدل وفيات الكائنات الحية , وقد وجد أن أكثر من 66٪ من مجموع الأنواع الحية بما في ذلك الشوكيات والقشريات والرخويات والحشرات وغيرها من الكائنات قد نفقت بسبب هذا التلوث, بالإضافة إلى أن هذه الهيدروكربونات تلوث الريش والفراء للطيور البحرية والثدييات، مما أدى إلى وفاتها بسبب انخفاض حرارة الجسم ، أو بعد أخذها جرعات قاتلة من النفط . ويتأثر انتشارالبترول بفعل الرياح والأمواج، والتيارات المائية، ونوع النفط ودرجة الحرارة. علاوة على ذلك، قد أثرت الهيدروكربونات، وخاصة الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات، على الحياة البرية ومصائد الأسماك والتي من الممكن أن يكون تأثيرها طويل الأمد،بالإضافة إلى أن التلوث الناتج عن تسرب البترول يؤثر على الخصائص الفسيولوجية والسلوكية للكائنات ، ولقد لوحظ وجود تضرر وراثي ونقصان في كل من النمو والخصوبة في الأسماك بالاضافة لتضرر الكائنات القاعية بهذا التلوث. لقد أضحت البيئة البحرية عرضة للتلوث من البترول المتسرب، ولذا فمن المهم أن نفهم كيف تحلل الكائنات الحية الدقيقة المواد الهيدروكربونية، وبالتالي تخفيف الضرر البيئي الناتج عن ذلك,ومع تطور العلم والتكنولوجيا زاد فهمنا حول البيئة،وزادت معرفتنا بعلم وظائف الأعضاء و الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة للكائنات الدقيقة بشكل كبير في العقود الأخيرة. إن تحليل المواد الهيدروكربونية من قبل الكائنات الدقيقة يتطلب منا التعرف على هذه الكائنات , ومعرفة العوامل التي تؤثر في ذلك مثل تكوين النفط و درجة حرارة الجو والظروف البيئية وتركيز المغذيات . يتطلب تنوع المواد الهيدروكربونية الموجودة في النفط الخام تقسيمها حسب أنواع للكائنات الدقيقة المحللة لها، وتعاملها مع مكونات النفط وتكيفها مع البيئة المحيطة والذي له الدور الكبير في تعاقبها الزمني , ولكن حتى عندما يكون لدينا فقط نوع واحد من المواد الهيدروكربونية المتسربة، يلاحظ وجود شبكة من التفاعلات المباشرة وغير المباشرة داخل وبين الأنواع لتحليله , والقيام ببعض التفاعلات التشاركية بينها مثل: استهلاك المغذيات، وتوفير الأكسجين و تثبيت النيتروجين والتفاعلات الهوائية , و التفاعلات التي تتم بين البكتيريا والفطريات والطحالب . إن تنظيم هذه التفاعلات والتعاون فيما بينها وبناءها الذاتي لمجتمعاتها الوظيفية هو محور نجاح هذه المجتمعات و التفاعل المحوري فيما بينها عزز عمليات التكنولوجيا الحيوية، بما في ذلك المعالجة البيولوجية للمواد الهيدروكربونية. على الرغم من أن الهيدروكربونات مركبات مستقرة نسبيا، إلا أن العديد من الميكروبات قادرة على استخدامها كمصدر رئيس للكربون والطاقة، بما في ذلك ما لا يقل عن 175 جنس من البكتيريا والعديد من الميكروبات الأخرى والتي يمكن أن تنمو على المواد الهيدروكربونية وتقوم بالتحلل البيولوجي للنفط الخام إلى غاز ثاني أكسيد الكربون والماء.إن هذه الكائنات تقوم بتحليل المواد الهيدروكربونية بالاعتماد أساسا على وجود الإنزيم المكسر للمركبات الالكانية وغيرها من الإنزيمات الأخرى المحللة.وبالتالي يتم التخلص ولو جزئيا من هذه المواد السامة التي تضر بالبيئة أشد الضرر.