ربطات العنق تحول كوكبنا لدفيئة زراعية

 

ربطات العنق تحول كوكبنا لدفيئة زراعية

0101

 

هل فكرت يومًا بممارسات غير اعتيادية تحمي من خلالها الكوكب الذي تعيش عليه كعدم ارتداء ربطة العنق مثلا! يتبادر لذهنك الآن تساؤل، وما وجه الترابط في ذلك؟ وكيف لربطة عنق أن تحول الكرة الأرضية لدفيئة زراعية، يتساءل آخر..

لعلنا عزيزي القارئ من خلال هذا المقال نسلط الضوء على ممارسات عديدة وليست فقط ربطة العنق من شأنها ذلك، فلنتابع القراءة…

جميعنا يعرف البيوت الزجاجية والتي تسمح بدخول أشعة الشمس من خلال السقف والجدران الزجاجية الشفافة، حيث تقوم الطاقة الشمسية بتسخين النباتات وغيرها من المواد الصلبة في البيوت الزجاجية وهذه بدورها تسخن الهواء ويبقى محصورًا ولا يمكنه الخروج فتزداد السخونة في الداخل وبالتالي حفظ الحرارة داخل البيوت الزجاجية، بطريقة مماثلة هو ما يحدث على سطح الأرض في الوقت الحالي فبدلاً من خروج هذه الحرارة مرة أخرى بعد امتصاصها تكونت طبقة حاجزة تمنع خروج الحرارة وبالتالي حبسها في الداخل، تماما كما يحدث في البيوت الزجاجية، فما هي هذه الطبقة التي حولت كوكبنا لدفيئة زراعية؟ وكيف تكونت؟ وهل من تأثيرات بيئية على تكونها؟

تعمل طبقة الجو المحيطة بالأرض مثل بطانية، اذ تحبس الحرارة وتبقي الارض دافئة، ولولا هذه البطانية لتجمدت الأرض واختفت منها الحياة، حيث يدخل ضوء الشمس من خلال الغلاف الجوي الشفاف ويسخن اليابسة والبحار ويسخن طبقة الهواء القريبة من سطح الأرض عبر الالتصاق بالأرض والمحيطات الدافئة، وفي الليل يرتفع الهواء الساخن ليحل محله الهواء البارد، فاحتفاظ الغلاف الجوي ببعض من طاقة الشمس لتدفئة الكرة الأرضية أساسيٌ للحفاظ على اعتدال المناخ، لكن انحباسها بواسطة غازات في الهواء تعمل مثل الزجاج أو البلاستيك في الدفيئة تسمح للحرارة بالدخول ولكنها تمنع معظمها من الخروج مجدداً.

هذه الغازات تدعى «غازات الدفيئة» ولسوء الحظ تزداد كميتها في الجو يوماً بعد الآخر نتيجة الانبعاثات المتزايدة من المصانع ومحطات الطاقة والسيارات، وهي باتت تحبس كمية أكبر من الحرارة وتحول الأرض مكاناً أكثر سخونة مسببة ما يعرف بالاحتباس الحراري.

دعونا نتعرف أكثر على طبيعة هذه الغازات وكيف تشكلت

يرجع السبب وراء تشكل ظاهرة الاحتباس الحراري إلى ازدياد نسبة غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بسبب الملوثات الطبيعية كالبراكين والنشاطات الحيوية للكائنات الحية أو الملوثات الصناعية الناتجة عن سلوك الإنسان غير المسؤول كالحرائق واستخدام الوقود الأحفوري في الصناعة والنشاطات اليومية بشكل يفوق قدرة استيعاب الأرض وقدرتها على معالجة الانبعاثات التي تنتج عن هذه الغازات.

أمّا عن أسماء الغازات الدفيئة ومصادرها فهي كما يلي:

1.غاز ثاني أكسيد الكربون وهو الغاز الناتج عن احتراق الفضلات واحتراق المواد العضوية كالأشجار والفحم بأنواعه، وما ينجم عن احتراق البترول أو الغاز الطبيعي (الوقود الأحفوري) وينتج أيضاً عن مزارع الأرز والمستنقعات وعن ذوبان الثلوج إذ يكون الغاز سجيناً بين الثلوج فيتحرر بذوبان الثلوج. وينتج أيضاً عن عملية تنفس النباتات والحيوانات وتحللها، وعن تخمر المواد السكرية.

  1. غاز الميثان: وله القدرة على رفع درجة حرارة الجو بأكثر من ثاني أكسيد الكربون بما يقارب 20-30 مرة، وينتج هذا الغاز عن تحلل المواد العضوية بشكل أساسي.

  2. غاز الأوزون: ويعدّ هذا الغاز من أهم الدروع التي تعمل على حماية الأرض من الأشعة الكونية الضارة كالأشعة فوق البنفسجية ويوجد في الأساس في طبقة الستراتوسفير، أمّا في الآونة الأخيرة فقد ازدادت نسبته بالقرب من السطح الأرض، ومع أنّ الحياة على سطح كوكب الأرض غير ممكنة من دون وجوده في طبقات الجو العليا فإنّه يشكل خطراً على حياة الإنسان عند تكوّنه بالقرب من سطح الأرض إذ إنّ استنشاق كمية يسيرة من هذا الغاز قد يؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية كما أنّه يشكل أحد غازات الدفيئة عند وجوده على مقربة من سطح الأرض.

  3. الكلوروفلوركربون: وهي الغازات التي كانت تستخدم في عمليات التبريد إلّا أن أضراره التي لا تقتصر على الاحتباس الحراري فقط بل وعلى زيادة ثقب الأوزون لذلك تم استبدالها مؤخراً بمواد أخرى أقل ضررًا.

تداعيات ذلك

مع زيادة كمية تلك الغازات في الغلاف الجوي ترتفع حرارة الأرض ويؤثر ذلك في مناخ العالم. فمع ارتفاع الحرارة تذوب الكتل الجليدية الجبلية والقطبية ويرتفع مستوى سطح البحر، مما يؤدي الى غمر الكثير من السواحل وتملح مياه الشرب، فضلاً عن ظاهرة تآكل طبقة الأوزون التي باتت تسمح للأشعة فوق البنفسجية UV الضارة بالدخول إلى جو الكرة الأرضية، وآثار ذلك على انقراض الكثير من أنواع الحياة الدقيقة على الأرض وتقلص أعداد البعض الآخر، اضافة الى ضررها الصحي بالإنسان والحيوان والنبات من حيث النمو والتكاثر ،كما سيؤدي ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى  تصحر مساحات كبيرة من الأرض وزيادة في عدد العواصف والأعاصير وحدوث كوارث زراعية وفقدان بعض المحاصيل وزيادة في احتراق الغابات.

ولكن يبقى التساؤل الآن، وما لربطات العنق من تأثير في حل ذلك

ظاهرة الاحتباس الحراري بحاجة الي تعاون وتضامن كامل من المجتمعات والحكومات والأفراد للمساهمة في الحد منها، أحد هذه المحاولات هو خفض استخدام الطاقة، والذي يكون بعدم ارتدائنا لربطات العنق، فقد عمدت وزارة البيئة في اليابان الي تنفيذ حملة تجريبية تطالب فيها الموظفين اليابانيين الحكوميين ثم موظفي القطاع الخاص ثم عموم المواطنين بتثبيت درجة حرارة أي جهاز تكييف في اليابان علي 28 وعدم خفضه درجة واحدة عن ذلك، أما الشق الثاني فتعلق بإجابة سؤال (كيف نمارس وظائفنا في درجه حرارة مرتفعة بتكييف مثبت علي 28؟)، واجابت الحكومة بأن الحل في عدم حضور أي موظف ياباني مرتديًا ملابسه الرسمية الكاملة (بذلة/ ربطة عنق) واستبدال ذلك بملابس قطنية خفيفة تساعد علي تنفس مسام الجسم وتكون ماصه للرطوبة، وبعد مضى ثلاثة أشهر على تنفيذ الحملة والتزام عدد كبير من الشعب بالملابس الخفيفة أدي الي التزامهم بدرجه حراره 28 واحتمالهم لها، ووجود ملايين المكيفات علي هذه الدرجة أدي الي تخفيض 460 الف طن من اجمالي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بما يعادل حجم ثاني أكسيد الكربون المنبعث من مليون أسره يابانية، أما الكهرباء فقد تم توفير 210 كيلو وات/ ساعة، الحملة مستمرة بنجاح تام حتي الان، وتعتبر احدي اهم واذكي حملات البيئة واكثرها ابتكارية.

اضافة للكثير من الممارسات والتي من شأنها تقليل استهلاك الطاقة مثل اطفاء المصابيح والراديو والتلفاز والحاسوب عند الانتهاء من استخدامه وغيرها، وكذلك استخدام مصادر الطاقة المتجددة النظيفة وتشجيع النقل العام بدلاً من زيادة عدد السيارات وتوجيه المواطنين لبناء منازل معزولة جيدا بحيث لا تكون بحاجة الى التدفئة شتاءً والتبريد صيفاً، وزراعة الأشجار لتساعد في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون.

وهناك أيضًا أفكارًا أخرى منها ما يشجّع إنتاج رقائق زجاجية، ذات سماكة في غاية الرقـّة، بحيث يمكن نثرها في الفضاء حول الكرة الأرضية كي تخفـّض كمية أشعة الشمس التي تصل إلى الأرض، وأفكار تتمثل في تغذية المحيطات بالنيتروجين؛ لتهيئتها لنمو النباتات العالقة التي تنظف الجو من غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الملوثة للبيئة، وكذلك  محاولات لجمع غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه تحت الأرض في طبقات جيولوجية عميقة، أو تخزينه في أعماق البحار بفعل الضغط المرتفع، فيبقى هناك إلى أمد طويل.

وهناك محاولات أكثر استدامة، فربما يتوصل العلماء إلى إنتاج بكتيريا معدّلة جينيًا لإنتاج غاز الهيدروجين، وبذلك يتم استخدام الهيدروجين على نطاق واسع لإنتاج الطاقة، فتتدنى بذلك كمية الغازات الملوثة للجو، وبخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون، وذلك لأن احتراق الهيدروجين لا ينتج عنه سوى الماء النقي.