الأدرينالين

 

الأدرينالين

800px-Adrenaline chemical structure
تركيبة الأدرينالين الكيميائية
الأدرينالين adrenaline هرمون يفرزه لب غدة الكظر في الدم، وناقل عصبي تطلقه النهايات العصبية التابعة للجملة الودية، واصلاً بين تنبيهات هذه الجملة وأعضاء الجسم. تمّ اكتشافه في نهاية القرن التاسع عشر في خلاصة غدة الكظر وهي تقع فوق الكلية وأطلق عليه أيضاً اسم الابينفرين epinephrine.
 
هرمون الأدرينالين يكون إفرازه استجابة لأي نوع من أنواع الانفعال أو الضغط النفسي، كالخوف أو الغضب، وقد يفرز أيضاً لنقص السكر، وعادة ما يُفْرَز الهرمونان معاً. وفي عام 1904 تمكن فريدريك ستولز من تركيب الهرمون صناعياً.
 
أمكن تركيبه صنعياً في المختبر واستعمل في الكثير من التجارب العلمية والتطبيقات الطبية. وقد لاحظ الباحثون التشابه الكبير بين التأثير الناجم عن حقن خلاصة الكظر والتأثير التالي لتنبيه الأعصاب الوديةsympathic وافتُرِض لذلك أن الأعصاب الودية تحرّر عند تنبيهها مادة شبيهة بالأدرينالين. وتتابعت الاكتشافات على يد الكثير من العلماء وعرف أن للأدرينالين نظيراً يسمى النورادرينالين noradrenaline أو الأدرينالين العصبي أو النورابينفرين norepinephrine يختلف عنه قليلاً في البنية الكيمياوية ويشابهه في معظم تأثيراته. يكوّن الأدرينالين 80٪ من الهرمون المفرز من لب الكظرين، في حين يكوّن النورادرينالين النسبة الباقية. وبالعكس فإِن المادة المحررة من النهايات العصبية للجملة الودية تتكون من النورادرينالين بوجه رئيس ولا يكوّن الأدرينالين فيها أي نسبة مهمة. ينشأ الأدرينالين والنورادرينالين في البدن من الحمض الأميني المسمى التيروزين الذي يستقلب في الكظر والجملة العصبية في تسلسل معين ليولد مجموعة العوالم الكيمياوية المسماة بالكاتيكولامينات catecholamines ومن عناصر هذه المجموعة مادة النورادرينالين التي ينشأ منها الأدرينالين بإِضافة زمرة كيمياوية واحدة.
 
يكون مستوى كل من الأدرينالين والنورادرينالين منخفضاً في الدم في الظروف العادية، ولكنهما يزدادان في البدن بسرعة استجابةً للحالات التي تستدعي رفع استعداد الجسم للقيام بمهام إِضافية أو استثنائية كالاستعداد لمباراة رياضية أو مواجهة خطر محدق، أو في حالات هبوط الضغط الشرياني أو النزف أو نقص الأكسجين أو تدني سكر الدم أو التعرض للبرد الشديد وذلك بهدف حماية البدن من هذه الاختلالات الخطيرة التي تؤثر في سلامته. ويطلق أحياناً على دور الأدرينالين وتأثيراته اسم منعكس الدفاع «قاتِلْ أو اهرب» flight or fight لأنه يرمي إِلى زيادة قدرة الجسم على مواجهة الطوارئ أو تمكينه من الابتعاد عنها. يؤدي الأدرينالين والنورادرينالين دورهما هذا عن طريق تأثيرات تقود في محصلتها إِلى رفع الضغط الشرياني وزيادة التروية الدموية للدماغ والقلب والعضلات الإِرادية المخططة وزيادة توفر الوقود الجاهز المكوّن من الغلوكوز والحموض الدسمة الحرة لاستعمال هذه الأعضاء خاصة، كما يزيدان من درجة الوعي والتيقظ في الدماغ.
 
يوجد للأدرينالين والنورادرينالين مستقبلات نوعية على أغشية خلايا البدن يطلق عليها اسم المستقبلات الأدرينالية adrenoceptors وهي من نوعين رئيسيين هما: المستقبلة ألفا والمستقبلة بيت، وسواء وصل الأدرينالين أو النورادرينالين إِلى خلايا الجسم من لب الكظر عن طريق الدم أو من المادة المحررة عند النهايات العصبية للجملة الودية فهما يرتبطان أولا بهذه المستقبلات لتنبيهها لتقوم بدورها بتفعيل الآليات الخلوية المرتبطة بها.
 
مقطع ثلاثي الأبعاد ل الأبينفرين
يختلف عدد نوعي المستقبلات ونسبتها في أعضاء الجسم ومناطقه المختلفة، وهذا ما يحدد نوع الأثر الناشئ عن تزايد نسبة الأدرينالين والنورادرينالين في الدم أو تنبيه الأعصاب الودية. وبوجه عام فإِن تنبيه المستقبلات ألف، وهي الغالبة في الأوردة وشرايين الجلد والأمعاء، يؤدي إِلى تقبّض جدران هذه الأوعية وتضيّق فتحته، في حين يؤدي تنبيه المستقبلات بيتا الموجودة بكثرة في القصبات الهوائية والشرايين المغذية للعضلات المخططة إِلى استرخاء جدرانها وتوسع فتحتها. أما تنبيه المستقبلات الأدرينالية القلبية، وهي من النوع بيت، فيؤدي إِلى زيادة النتاج القلبي عن طريق تسريع القلب وزيادة قوة تقلص العضلة القلبية. وتوجد المستقبلات بيتا في الكبد والنسيج الدهني ويؤدي تفعيلها إِلى زيادة تفكك الغليكوجين والدسم إِلى مكوناتهما البنائية وبالتالي رفع مستوى الغلوكوز والحموض الدسمة الحرة في الدم. وتؤدي هذه التأثيرات مجتمعة إِلى ارتفاع الضغط الشرياني (بسبب زيادة النتاج القلبي والعود الوريدي وتقبّض الأوعية المحيطية) وتسهيل التهوية الرئوية وزيادة التروية الدموية للأعضاء الرئيسة في الجسم وتوفير الوقود اللازم لها لتقوم بمهامها العادية والاستثنائية.
 
يستعمل الأدرينالين المستحصل من الكظر والمنقى مخبرياً أو مشتقاته الصنعية استعمالاً سريرياً واسعاً. يحقن الأدرينالين إِسعافياً في الوريد في بعض حالات الصدمة لرفع ضغط الدم وتحسين تروية الدماغ والقلب بتحويل الدم عن الجلد والأمعاء وكذلك لرفع سكر الدم، وقد يحقن الأدرينالين مباشرة في القلب في حالات الموت الظاهر كحل أخير قد يعيد للمصاب حياته. يستعمل الأدرينالين أيضاً مرقئاً موضعياً ومخففاً للاحتقان الأنفي في الحالات الأرجية.
 
تتصف مشتقات الأدرينالين الصنعية الحديثة بتأثيرها في أحد نوعي المستقبلات الأدرينالية فقط أو بوجودها في تركيبات دوائية تسمح بحصر تأثيرها تقريباً في المستقبلات الموجودة في جهاز معين، وأفضل مثال على ذلك المستحضرات النوعية المنبهة للمستقبلات بيتا المستعملة في معالجة الربو القصبي لتوسيع القصبات الهوائية، وتعطى هذه الأدوية بالإِرذاذ في الفم لتصل إِلى هدفها في جدران القصبات بسرعة وبتركيز كافٍ من دون أن يزيد مستواها كثيراً في الدم وتحقق الراحة للمريض من دون أن تجهد قلبه.
 
تاريخياً
في عام 1895 قام البولندي نابليون سيبولسكي Napoleon Cybulski بعزل وتمييز هرمون الأدرينالين. وفي مايو 1896 أعلن وليام بيتس William Bates في مجلة نيويوركالطبية عن اكتشاف مادة تنتج في الغدة الكظرية. وقد كرر الأكتشاف في 1897 من قبل جون يعقوب هابيل  John Jacob Abel.

وفي عام 1900 تمكن الصيدلي الياباني جوكيتشي تاكامين Jokichi Takamine من اكتشاف نفس الهرمون لكن بشكل منفصل, وقد تمكن الياباني من استخلاص الهرمن من غدد البقر.